الرئيسية / الدعوة للإصلاح ينبغي أن تقترن بالعمل الصالح والتجربة النزيهة

الدعوة للإصلاح ينبغي أن تقترن بالعمل الصالح والتجربة النزيهة

"Today News": بغداد 
كثر الحديث عن ضرورة الإصلاح لتغيير الواقع نحو الأفضل.
المشكلة تبدأ بمواصفات الشخصية المتصدية للإصلاح، وقدرتها على حمل المشروع الى النجاح.

تبنى الإمام جعفر الصادق (ع) مشروع إصلاح الأمة في صلاح قيادتها، حيث ينسب له القول: "  إياك أن تنصب رجلا دون الحجة فتصدقه في كل ما قال"
و معلنا ان
"فساد الظاهر من فساد الباطن، ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته".

فإذا كان القائد جائرا فينبغي التصدي لإصلاحه قائلا:
"لا تذلوا رقابكم بترك طاعة سلطانكم، فإن كان عادلا فاسألوا الله إبقاءه، وإن كان جائرا فاسألوا الله إصلاحه، فإن صلاحكم في صلاح سلطانكم، وإن السلطان العادل بمنزلة الوالد الرحيم، فأحبوا له ما تحبون لأنفسكم واكرهوا له ما تكرهون لأنفسكم".

محذرا من التفرقة والانشغال في الخلافات والخصومات فإنها تسبب الحقد والعداوة والبغضاء، قائلا:

"إياكم والخصومة في الدين فإنها تشغل القلب عن ذكر الله عزّ وجلّ، وتورث النفاق، وتكسب الضغائن، وتستجير الكذب"

داعيا الى الالتزام بتربية النفس قبل التصدي للمسؤولية قائلا (ع):

"كونوا دعاة إلى أنفسكم بغير ألسنتكم، وكونوا زينا ولا تكونوا شينا"، أي بصقل شخصية المتصدي لنفسه على الصدق في التعامل ، ثم الانطلاق الى المجتمع ليظهر هذا السلوك الصالح في القول والفعل والعلاقة مع الآخرين، وفي تبنيه لمشروع الاصلاح.
وموصيا:  

"أوصيكم بتقوى الله واجتناب معاصيه، وأداء الأمانة لمن ائتمنكم، وحسن الصحابة لمن صحبتموه، وان تكونوا لنا دعاة صامتين"

مسؤولية المتصدي لا تنحصر في تربية شخصيته بتطبيق ما يصرح به ويدعو الناس به الى  الإصلاح فحسب،

وإنما أيضا في قابليته بإقناع الآخرين بصحة أقواله في مشروعه الإصلاحي،

 وقدرته للحصول على ثقتهم أمام التدخلات الداخلية والخارجية المعيقة،
 والتي تعمل على شراء الضمائر وتشويه وعي الانسان وتحويل المقاييس في التقييم لمنح الثقة حسب أجنداتها المخالفة للإصلاح.

الإمام الصادق (ع) انتهج القوة الناعمة للدعوة الى الإصلاح عبر:
سمو القيم والمبادئ،
والعلاقة الطيبة
ومعاملة الناس بعاطفة نبيلة وخلق رفيع،
والمصداقية في الالتزام،
والاتصاف بالأخلاق الفاضلة،
والانتصار على النفس،
ودعم العلم والعلماء،
والدعوة للتعلم والالتزام،
والتمتع بالوعي،
والقدرة على الحوار بالبرهان والإقناع،
وبتقوى الله واجتناب معاصيه،
وأداء الأمانة،
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قائلا (ع):

"العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق، لا تزيده سرعة السير إلا بعداً".

نستلهم في ذكرى شهادة الإمام الصادق (ع) في 25 شوال 148 هـ الدروس والعبر التي تميز بها:
   - حكمته في الإصلاح وتغيير واقع الحركات الدينية وبدعها وتنوع الاتجاهات الفلسفية والفكرية والسياسية وما صاحبتها من ظهور الفتن والنزاعات والعصبيات والصراعات الجاهلية،
- طريقته في  الحوار مع الفلاسفة وأهل الكلام والجدليين والغلاة وإقناعهم أو إيضاح مكامن أخطاء أفكارهم ومعتقداتهم بالبينة الصحيحة والأدلة العلمية والفقهية الموثقة،
- معالجته لما أصاب المجتمع من وهن وتشويه وانتهاك لحقوق الانسان جراء هذه التغييرات بأنواعها من خلال تأسيسه لمدرسة علمية في بيته للتحرر من الجمود والتحريف في التفسير و الحديث والعلوم الأخرى، فخرجت عدداً كبيراً من رجال العلم وخيرة المفكرين وصفوة الفلاسفة وكبار العلماء وطلبة العلوم لنشر الفكر الإسلامي من دون تحريف
- صيانته للمجتمع من التناقضات،
- كشفه التزوير في العقيدة والفكر.
- الأسوة الحسنة في التزامه بتنفيذ دعوته الاصلاحيه على نفسه قبل الأمة والنظام.
         
         —————————————
ولد الإمام جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) في ليلة الجمعة في السابع عشر من ربيع الأول عام 82هـ، في عصر خلافة عبد الملك بن مروان وعاصر بعده الخلفاء الأمويين كلهم حتى سقوط دولتهم سنه 132هـ، وعاصر أول الخلفاء العباسيين أبو العباس السفاح  وثانيهم أبو جعفر المنصور الذي دس السم له فمات (ع) شهيداً في 25 شوال عام 148هـ،
ودفن في البقيع في المدينة المنورة عن عمر 66 عاما. مدة إمامته (34) عاما امتدت من 114 هـ الى 148 هـ.
26-05-2022, 14:45
عودة