الرئيسية / لنترك فوضى الشعارات والسلوكيات ونتحدث في الآليات العملية للتغيير

لنترك فوضى الشعارات والسلوكيات ونتحدث في الآليات العملية للتغيير

تعديل القوانين والدستور وإصلاح النظام السياسي وإجراء الانتخابات المبكرة، لاتتم إطلاقاً دون وجود حكومة انتقالية مؤقتة يختارها البرلمان الحالي.

والبرلمان لايعمل إلّا بالسياقات الدستورية والقوانين النافدة. أي أنّ ترشيح رئيس وزراء جديد يترأس الحكومة الإنتقالية المؤقتة ويمهد للانتخابات المبكرة، لايمكن إلّا أن يكون وفق السياقات الدستورية، والمتمثل في توافق الكتل السياسية البرلمانية الحالية، شئنا أم أبينا.

 ولايمكن ترشيح رئيس الوزراء المؤقت عبر ساحات التظاهر، لوجود إرادات متعددة داخل الساحات، وكل إرادة لديها مرشح. وحتى لو اتفقت ساحات التظاهر على مرشح واحد، رغم أنه اتفاق مستحيل، فمن سيصوت عليه؟ وكيف؟ ومن سيشرف على الاستفتاء؟ وكم سيستغرف ذلك من زمن؟

والأهم من ذلك، هل ماسيترشح عن ساحات التظاهر يمثل إرادة كل الشعب العراقي؟ أقصد هل أن مرشح رئاسة الحكومة المؤقتة وأعضاء حكومته سيكونون مقبولين عند كل الشعب العراقي، أم أن من حق التظاهرات أن تفرض مرشحها على جميع فئات الشعب الأخرى؟.

وكما أن التظاهرات تبشر بالحريات والديمقراطيات والبناء الصحيح للدولة، وترفض سلوكيات أصحاب السلطة، فإن عليها أن تبيّن ذلك عملياً من خلال عدم فرض إرادتها بالقوة وبالتعطيل على باقي فئات الشعب. 

بالتالي فإن إرادة الشعب لاتنتج سلطة من وهم ومن شعارات غير واقعية. بل تنتجها عبر آليات عملية قابلة للتحقق.

بالتالي.. ماكو برلمان يعني ماكو دولة.

وإذا ماكو دولة يعني ماكو حكومة انتقالية مؤقتة، و إذا ماكو حكومة انتقالية مؤقتة يعني ماكو انتخابات مبكرة، و إذا ماكو انتخابات مبكرة تمثل التوجهات الجديدة للناخب والمتظاهر  فيعني ماكو حكومة جديدة قادمة تمثل إرادة الشعب.

أي أن إسقاط البرلمان الحالي ومنع السياقات الدستورية النافدة من تشكيل حكومة مؤقتة تحضّر لانتخابات مبكرة، يعني أن الحكومة الحالية ستبقى لتصريف الأعمال الى ما لانهاية، وذلك لمنع فراغ السلطة، وسيتم ذلك بطلب من الأمم المتحدة والمرجعية وحكماء البلاد، لأنهم لن يسمحوا بانهيار السلطة وانهيار النظام العام.

وإذا ما أدى انهيار السلطة الى تدخل عسكري إقليمي ودولي، فإن العراق سيتحول الى ساحة حرب دموية مرعبة لاتبقي ولاتذر.

 كما ستتحول الصدامات الحالية بين أتباع الإرادات المحلية والإقليمية والدولية المتعارضة الى صراعات مسلحة وحرب أهلية قطعاً، لأن الواقع العراقي تتحكم فيه إرادات كبيرة و كثيرة، ولن تترك أيا من هذه الإرادات الأمور لخصومها لتستفرد بالعراق ومقدراته.

وحين يحمي الوطيس، فإن القوى السياسية والفصائل المسلحة الموجودة ستواجه أصحاب الأجندات الإنقلابية بكل الوسائل، بعد أن تستنفر ماتملك من نفوذ وإمكانات وجمهور أيضاً، لتدخل الساحة بقوة.

عليه، لابد من الإندكاك بالآليات العملية عند إطلاق المطاليب والشعارات، فليس كل شعار ومطلب يمكن تحقيقه.

أما ما يمكن تحقيقه لإصلاح النظام السياسي ومحاربة الفساد وإعادة بناء الدولة، فهو ليس صعباً، لكنه بحاجة الى ترك فوضى الشعارات والسلوكيات والخطاب الشعبوي التدميري.

12-12-2019, 09:29
عودة