الرئيسية / بيعة السابع عشر من رجب عام 1979

بيعة السابع عشر من رجب عام 1979

"Today News": بغداد

 من يحاول أن يكتب التاريخ أو يحلل  لقضية ما عليه أن يعيش ظروف تلك  القضية وشخوصها ثم يعطي الرأي الموضوعي حولها .

ولكنني أرى مِن المحللين في معظم قضايا تاريخنا الماضي والمعاصر مَنْ ينظر بعين الحاضر فيسقط تحليلاته على الحدث !.

فتكون النتيجة مشوهةً أو لِأُخفف وأقول تكون النتيجة غير موضوعية .

 ومن هذه القضايا  ما يتم تحليله هو صراع العراقيين مع النظام البعثي منذ تسلطه على رقاب العراقيين سنة 1968حتى سقوطه في 2003.

والاصح أن أقول صراع الحركة الاسلامية  بزعيمها الشهيد محمد باقر الصدر مع النظام البعثي .

ولنوضح حقيقةً أن المجتمع العراقي بعد تشكيل الدولة العراقية بعقدين من الزمن في منتصف القرن الماضي لم يكن ذو توجهٍ إسلامي فضلا عن تصنيفه بالاسلامي الحركي ،وممكن ملاحظة ذلك عند دراسة الحركة الاجتماعية قبيل منتصف القرن الماضي وحتى السبيعنيات منه.

 وكانت هناك ملامح للتدين التقليدي في محافظات  الجنوب ،وبالأخص في الأماكن المقدسة في النجف وكربلاء والكاظمية .

وبدأت ملامح للوعي الاسلامي الاصيل وحركته  تنتشر بالمجتمع العراقي في منتصف القرن الماضي بسنوات،ووصلت لاوجها في العقد السبعيني من القرن الماضي ،ولم يكن انتشار التوجه الاسلامي

 مصاحباً للحركات القومية والشيوعية العالمية ،وقد وصلت الشيوعية الى المدن المقدسة حتى كان شعار "الدين أفيون الشعوب" والتهديد بالسحل للمتخلفين !!.

وقد تحالف الشيوعيون والبعثيون وغيرهم في جبهة وطنية ربما كانت احد اهدافها منعها للوعي الاسلامي المتنامي في المجتمع .

 وقد وصل  البعث بانقلابه  المشؤوم  سنة 1968  في فترة شهد المجتمع العراقي  انقلابات وسيلان من الدماء منذ انقلاب 1958 .

لم تستقر  أوضاع البلد سياسياً واجتماعياً ولافكرياً فكل حكومة تأخذ برقاب معارضيها لمجرد المعارضة !.

وحكومة البعث التي وصلت بقطار انگلو -أمريكي  كانت الاشد قسوةً وتنكيلاً بالمعارضة ،كانت المنظومة التي ترعى حكم البعث في العراق تسعى لاضفاء صورة الوطنية والقومية على الحكم  ولهذا بدأت سلسلة اعتقالات واسعة بتهمة جاهزة وهي العمالة للولايات المتحدة والكيان الصهيوني .

وروج لاعتقال شبكات تجسس واسعة في العراق ،وكانت خطة مدروسة لتصفية كل خطوط المعارضة للنظام البعثي .

ولان الحركة الاسلامية مثلت تهديداً واضحاً  لما تم التخطيط له من قبل الدوائر العالمية أنذاك ليكون البعث رأس الصراع العربي -الاسرائيلي ،فقد تم تعجيل الصراع معها  للانقضاض عليها قبل أن تمد جذورها في المجتمع كله.

 ولم تفرق الدوائر العالمية بين حركة اسلامية ثورية أو تقليدية ،ولان الشهيد محمد باقر الصدر لم تكن حركته الاصلاحية في الحوزة حركة انقلابية تهدد الكيان المرجعي بل كانت حركة اصلاحية حاميةً للكيان المرجعي فكان تهديده مباشرا لهم.

ولم يدخل ضمن الصراعي المرجعي بل دعم مرجعية السيد الحكيم بكل قوة ومن بعده مرجعية السيد الخوئي ،وهو ما مثل تهديداً واضحاً لمشروع  البعث .

أي أن الحركة الاسلامية بقيادة الشهيد الصدر لم تنشغل بالكيان الحوزوي وتركت المجتمع العراقي لمرحلة أُخرى  بل انتقلت بنفس القوة للتغيير في المجتمع وهو ما كان خطراً  آنيا وستراتيجياً على المشروع الذي تم إعداده في العراق والمنطقة .

ولهذا كانت الدوائر الاستكبارية قد أمرت بتعجييل المعركة مع الحركة الاسلامية .

وكان ضرب مرجعية السيد الحكيم  من خلال اتهام نجل المرجع الشهيد مهدي الحكيم بالعمالة للولايات المتحدة لتحييد المرجعية على الاقل في الصراع القادم .

أما لماذا البيعة  للصدر ؟

هل طلب المرجع الصدر ذلك ،أم كان قراراً لحزب الدعوة  الاسلامية ؟

سأترك الاجابة المباشرة  وأجيب بالظروف الموضوعية أنذاك

فعندما  يفرض عليك الصراع فلايكون أمامك  إلا أمرين إما الاستسلام وإما  المواجهة ..

والشهيد الصدر لم يكن ديدنه  الاستسلام وهو يعيش روح الثورة الحسينية،  ومتلبسا بجمل  الحسين بن علي (ع) " هيهات من الذلة" "والله لا اعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أقر لكم إقرار العبيد" وهو يرى أن الوضع العراقي بحاجة الى التضحيات الجسيمة ليصحح وضعه ومساره ،فكان يرى في نفسه مشروع الاستشهاد الذي تتحرك به الجماهير.

وكان الصراع مع النظام بحاجة الى ابراز  معالم القوة ومن هذه القوة هو إجراء البيعة الجماهيربة للمرجعية ،وهكذا كانت انتفاضة رجب 1979 إحدى صفحات الصراع من النظام البعثي ومع النظام الاستكباري العالمي .

فمن يريد أن يقوِّمَ ويدرس هذه الانتفاضة فليدرسها بظروفها أنذاك ،ويستحضر لحظات العنفوان الاسلامي الثوري ضد نظام لايعرف الحوار ولايعترف بالآخر .

  بين  مَن يرى حجم المؤامرة المعد لها وبين مَن يريد سحق كل شيء من أجل تنفيذ مخططه .

كانت  لحظات تعني أن الاستسلام موت والتحدي بقاء وحياة للمشروع الاسلامي ،هكذا اراد الشهيد الصدر من هذه البيعة .



2-03-2021, 09:55
عودة