الرئيسية / لمن يقرأ التاريخ.. الشخصية الحسينية

لمن يقرأ التاريخ.. الشخصية الحسينية


 
                                                                   اتصاف شخصية ما إلى دين معين ،  أو مذهب معين ، أو فكر معين ، أو شخص معين  ، وغير ذلك ، بحيث نقول عن هذه الشخصية أنها
 إسلامية ، أو جعفرية ، او دعوية ، أو حسينية ،  وما شاكل ذلك ، لا بد أن نخضعها  لمعادلة عامة أشبه ما تكون بمعادلة حسابية لها طرفان ،
وكلامنا عن الشخصية الحسينية ،
 لهذا ينبغي لنا صياغة معادلة لتقويم وتقييم هذه الشخصية ،
  والمعادلة للشخصية الحسينية هي :-
 *( الفكر + العاطفة = السلوك الحسيني )*
  وهذه المعادلة يمكن تعميمها إلى الشخصية الدينية أو المذهبية او الفكرية وأمثالها ،
 وعليه كل شخصية نريد معرفة سلوكها ونسبتها إلى دين او مذهب أو فكر أو شخص وغير ذلك ، لا بد أن تتقوم  بعنصرين أساسيين،
 *أحدهما الفكر والأخر هو العاطفة* ،
 ويمثل الفكر والعاطفة قطبان مندمجان لا يمكن لأحدهما الاستغناء عن الآخر والانفكاك عنه ، وإلا سوف تختل المعادلة وستكون غير ناجعة  وغير منتجة ،
 من هنا لو أردنا دراسة الشخصية الحسينية لكي ننسب ان شخصا ما هو حسيني بعكس غيره ، لا بد من حضور عناصر المعادلة وهما الفكر مع العاطفة لإنتاج السلوك الحسيني المتزن ، ويؤسفنا أن هناك خللا في واقعنا الاجتماعي بتطبيق عناصر هذه المعادلة ، فهناك من بالغ  وغالى بالعاطفة بحيث بدأ يتجاوز على الذوق والمنطق والعرف والشرع ، بإدخال أشياء كثيرة ومنها البدع ، والروايات ضعيفة السند ، والأحلام ، وقصص الشبيه التي تخرج القضية الحسينية من اتزانها وقيمها المعنوية العظيمة كقضية عرس القاسم ، ووجود الاسد مع السبايا في ليلة الحادي عشر من المحرم على أنه رمز لعلي ابن أبي طالب عليه السلام وأمثال ذلك كثير ، والسلوكيات والطقوس والسير على الجمر ، وجلد الظهور بالسيوف والآلات الجارحة  المدمية ، وشج الرؤوس  ، وتطيين الأجساد والرؤوس  وغيرها  والقائمة تطول ، وكل هذه تؤكد على قضية  واحدة وهي
 (استعطاف الناس واستدرار عوطفهم) ، وممازجة ذلك بموسيقى تصويرية  وأنغام وألحان غنائية لأجل إثارة الشجون والأسى من أجل إنسياب الدموع وحرق محاجر العيون ، لإثبات الولاء لصاحب الذكرى بهذه العاطفة حتى لو تجاوزت ضوابط الشرع والعرف والعقل ،
 ولهذا نقول لابد من وجود العاطفة المتزنة ضمن هذه الضوابط ،
 ولابد  من هذه العاطفة ولا يمكن ألغائها لأنها تمثل أحد عناصر المعادلة للسلوك الحسيني المتكون من *(العاطفة + الفكر)* ، لهذا لا بد من تشذيب  هذه الممارسات لتكون متماشية مع الشرع والعقل وعرض مصيبة الحسين عليه السلام إلى العالم في هذا الفضاء الإعلامي الذي يتصيد علينا المثالب لتحجيم النهضة الحسينية والحؤول دون انتشارها ،
  وكذلك علينا بالفكر الذي ينصهر ويغمس بالعاطفة لإنتاج السلوك الحسيني المتزن ،
وقائمة الفكر في الشخصية الحسينية هي أفكار الاسلام  ومبادئه ، ومنها مقارعة الظلم والظالمين ،  ومحاربة الفساد والمفسدين ، والانتصار للحرية المصادرة وإلارادة المسلوبة ، وتحقيق العدالة للإنسانية ، وحق الأمة في إختيار حكامها وولاة أمرها ، وغيرها من المفاهيم  والأفكار  الاجتماعية والاخلاقية والسياسية ، لتشكل منظومة هيكلية لاطروحة الاسلام وعالميته  ،
 وعليه لابد لهذه الأفكار والمفاهيم ان تقترن مع العاطفة  والحزن  والبكاء لتغلف الفكر ، إذ أن عرض الأفكار مجردة عن العاطفة كتقديم الطعام خال من التوابل والمقبلات .. سيكون جافا وجامدا ، وقد يكون غير مستساغ لوحده وعسير الهضم ، لذا لابد من ترطيبه بدموع العاطفة ، لكي يلتذ ويستمتع بسماعه شكلا ومضمونا
 ولانتاج سلوك حسيني متزن يجسد على أرض الواقع بحيث يراه الناظر مجسدا للحسين عليه السلام في سيرته وسريرته وهو يمثل الاسلام بسلوكه  وحركيته ،  
لهذا لابد من المحافظة على التوازن بين العاطفة والفكر لإنتاج سلوكية حسينية يمكن نسبتها للحسين عليه السلام ،
 وإذا فقدت المعادلة السلوكية للحسين عليه السلام أحد عناصرها من الفكر أو العاطفة ستكون معادلة غير متزنة وغير متوازنة ،
 ومن هذا الفهم علينا قراءة الحسين عليه السلام من جديد بقراءة  واعية ببصر  وبصيرة ، بعقل وعاطفة ، لعقلنة العاطفة لخدمة الرسالة الحسنية.
20-09-2020, 12:03
عودة