الرئيسية / التنمر الالكتروني.. ظاهرة بلا حدود فضاءها الانترنت وقوتها الصمت

التنمر الالكتروني.. ظاهرة بلا حدود فضاءها الانترنت وقوتها الصمت

خاص :"Today News"

مع انتشار الهواتف الذكية واتساع رقعة مواقع التواصل الاجتماعي في العراق استفحلت ظواهر لم يكن يعرفها الشارع العراقي، وأبرز هذه الظواهر هي التنمر والابتزاز الالكتروني، اذا يتعرض الكثير من المراهقين والشباب الذين يلجون عالم الانترنت الى مختلف الاساءات والمضايقات، كما تحولت مواقع مثل يوتيوب وفيسبوك الى ساحة لنشر الكثير من الاساءات نحو من يعانون من عيب ما أو الابتزاز لغرض الحصول على الاموال.

لا توجد قوانين تجرم التنمر 

تقول د. ابتسام عبدالله اختصاصية الارشاد التربوي أنه "رغم غياب الأرقام والنسب الحقيقية للتنمر الالكتروني في العراق الا انه ظاهرة منتشرة بكثافة بمواقع التواصل الاجتماعي، ولم يعد التنمر يستهدف الاطفال فقط بل وصل الى الكبار أيضا من خلال تصوير مقاطع الفيديو للأشخاص أو التعرض لهم كلامياً".

وتضيف "لا توجد قوانين تجرم التنمر بصورة عامة كما ان اهتمام الأهل أو الكوادر التدريسية بعيد عن هذه الظاهرة بما يخص الأطفال، أما في حالة الشباب فهم أكثر عرضة للتنمر ألكترونيا من خلال فضاءات العاب الفيديو ومواقع التواصل الاجتماعي المنتشرة".

الأطفال والمراهقين

وتشير الى أن "التنمر الالكتروني هو سلوك مسيء متعمد من شخص تجاه شخص آخر، عبر الوسائل الالكترونية مثل الشتم أو القمع والترهيب والمضايقة والابتزاز والاكثر سوءا هو التحرش الجنسي عبر هذه المواقع".

لافتة الى انه "تذكر الدراسات ان أكثر من 60 %  من الأطفال والمراهقين والشباب يتعرضون للتنمر والابتزاز الالكتروني عبر الانترنت في العالم العربي، وما يعطي الموضوع مجهولية هو تكتم من يتعرضون للتنمر لذلك لا نستطيع تسجيل نسب صحيحة أو أرقام كاملة عن ضحايا الظاهرة".

من جهته ذكر الاستاذ في علم النفس صلاح الطائي ان "كلا الجنسين يتعرضون للإساءة عبر الانترنت لكن الاناث اكثر نسبة وهو الأشد خطورة كون المرأة تعيش في مجتمع محافظ يحظر كشف هكذا أفعال، وتبقى طي الكتمان هذا إن وصل الأمر الى الأهل ان لم تتكتم الشابة وترفض التحدث بواقعة التحرش أو الابتزاز".

ويضيف "رغم ان الشخص المتعرض للإساءة او التحرش يمتلك الحل بحظر المسيء وقطع التواصل معه لكن الواقعة نفسها تكون عرضة للعامة عكس التنمر في المدراس الذي يحدث في مكان وزمان معينين، اذ ان بعض المنشورات تنتشر بسرعة في مواقع التواصل الاجتماعي ولا يستطيع الضحية السيطرة على  النشر، وهناك عدة أمثلة على ذلك أبرزها انتشرت كانت الشهر الماضي  لحادثة طفل الشرقاط والطفل علي عدنان الذي صوره زميله في مدرسة اقفلها المحتجون وجاء وحيدا للدراسة."

حالة الاكتئاب الحاد أو الانتحار

مشيرا الى أن "أكثر طرق التنمر انتشارا هي تصوير مقاطع الفيديو ونشرها عبر يوتيوب أو فيسبوك في مجموعات شبابية أنشأت لهذا الغرض، أو صور فيها استهزاء أو تحقير لشخص معين".

ويكمل الطائي "يشكل التنمر خطورة على الاطفال والمراهقين كون الشخص في هذه المرحلة يكون حساس تجاه الآخرين ويكون المراهق في هذه المرحلة العمرية بطور بناء بثقته بنفسه. وقد يصل الامر الى حالة الاكتئاب الحاد أو الانتحار في حالات معينة".

وتابع "يجب على الأهل أن يزرعون الثقة بأبنائهم وتنبيههم بأنه خلال أي مضايقة على الانترنت بالتوجه للأب أو الأم مباشرة كذلك يجب عدم التفاعل مع الشخص المسيء أو الرد عليه بأي شكل من الأشكال كذلك الاحتفاظ بالمنشورات او الرسائل المسيئة كوثائق لتبليغ الجهات الامنية خصوصا وان القضاء العراقي يعتبر المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي وثائق رسمية يمكن الإدانة من خلالها".

مكافحة الابتزاز الالكتروني

ملازم أول بجهاز الامن الوطني فضل الكشف عن هويته خلال عمله في فريق مكافحة الابتزاز الالكتروني قال انه "خلال عمله في الفريق تصله يوميا عشرات الشكاوى من أشخاص تعرضوا لابتزاز الكتروني وتهديدات بنشر مقاطع فيديو اذا لم يدفعوا أموال للجهات المبتزة". مؤكدا أن "الابتزاز اتخذه البعض كمهنة لإيقاع الشباب والفتيات في شباكه وسحب الأموال منهم دون رادع أخلاقي مما ولد حالات قتل وجرائم كثيرة".

مضيفا أن "أكثر المتعرضين للابتزاز هم الشباب دون عمر العشرين سنة او الرجال فوق الاربعين، ويعمل المبتزون على اختيار هذه الفئات بصورة كبيرة كونها تقع بسهولة في شباكهم".

لافتا الى انه "من وسائل الابتزاز هي صفحات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي بأسماء بنات وتكوين صداقات مع الفئات المستهدفة ومن ثم جرهم لتسجيل مقاطع فيديو يتم الابتزاز من خلالها وأول ما استعمل هذه الطريقة أشخاص من المغرب العربي ووصلت الى العراق في السنوات القليلة الماضية ويستعملون كاميرات وهمية لإيهام الضحية".

مشيرا الى انه "بالنسبة للفتيات ازدادت حالات الابلاغ عبر الرقمين (١٣١) (٥٣٣) بعدما كثفنا التوعية حول أهمية الابلاغ على هكذا حالات لكن تبقى دون المستوى المطلوب لأن أكثر من (90 %) من حالات الابتزاز لا يتم الابلاغ عنها".

التقنية في مواجهة ذاتها

الطالبة في جامعة بغداد (ع.ك) ذكرت إنها تعرضت للابتزاز بصور قامت بإرسالها الى صديقتها ولخوفها من الفضيحة قامت بإرسال ثلاثة آلاف دولار الى المبتز بدفعتين لكنه بقي يطالب بالمزيد.

تقول الفتاة انها راسلت أحدى الصفحات المعنية على موقع فيسبوك وسردت لهم القصة ومن خلالهم توصلت الى المبتز الذي اقامت عليه دعوى قضائية بعد اطلاع والدتها على القضية ليودع السجن.

يقول أصحاب الصفحة "نقوم في معالجة الحالة التي تتطلب تدخلاً تقنياً كالحدّ من إنتشار الصور الفاضحة التي تستهدف الاساءة والابتزاز لشخص معين دون موافقته على مواقع التواصل، أو تحديد موقع وكشف المبتز وبسرية تامة".

مضيفين "يكون التواصل من خلال الصفحة فقط عبر الرسائل ونضمن السرّية التامة لمعلومات الافراد الذين يتعرضون للابتزاز".

لا يمكن أن تنتهي حالات التحرش والابتزاز والتنمر بدون تعاون الاطراف المعنية جميعا فالشخص المتعرض للتنمر يتحمل مسؤولية كشف الواقعة للأهل أو الاشخاص القريبين لاتخاذ ما يلزم، كذلك عدم فتح مجال للأغراب بالتواصل او التراسل واتخاذ الحيطة منهم.

29-07-2020, 13:27
عودة