الرئيسية / الادب الروائي يؤرخ للوباء ..

الادب الروائي يؤرخ للوباء ..

"Today News": بغداد

كتب البير كامو في روايته ( الطاعون ) تاريخا للوباء الذي اصاب مدينة وهران الجزائرية وهو ينظر الى نفسه باعتباره مؤرخا للاحداث معتمدا في ذالك على تجربته الخاصة وعلى بعض الشهود العيان .. وكذالك على الوثائق المكتوبة .. من خلال بطل الرواية الدكتور ريو .. ( وبمجرد ماتم النطق بكلمة الطاعون لاول مرة استغرق ريو في التأمل محدقا من خلال النافذة في مشهد الاصيل الهاديء بينما امتلأ ذهنه بصور مروعه من الوباء في التاريخ .. ) ص٥١
ولم يكتفي كامو بسرد احداث الطاعون بل انه يرسم مشاهد وصور جميلة معتمدا على اساطير اغريقية وايطالية كانت تحكي عن وباء دمر مدن ..   يقول : انظروا الى ملاك الطاعون هذا انه جميل جمال الشيطان وله بريق الشر نفسه .. وقد وقف فوق اسطح منازلكم وامسك بيده اليمنى العصى الحمراء ورفعها الى مستوى الراس في حين ان يده اليسرى تشير الى احدى منازلكم ..  ص ١٢٢ ،
 وهناك مشاهد كثيرة رغم مأسويتها الا ان كامو وصفها وصفا جماليا رائعا .. بل ان الكاهن بانلو حث  مستمعيه الى اختيار القبول بل والترحيب بارادة الله المتعذر تفسيرها .. ( هذا الوباء والذي ارسلته الينا الاقدار .. وحده الذي يمكننا من الا ختيار .. وهذا هو الايمان القاسي في نظر الناس .. وهو الايمان الحاسم في نظر الله الذي ينبغي ان نقترب منه .. فأمام هذه الصورة المروعة يجب ان نتساوى جميعا .. وعلى هذه القمة سوف يختلط كل شيء ويتساوى كل شيء .. ومن ينبوع الظلم الظاهري تتفجر العدالة ..  ) ص ٢٨٧، ٢٩٠
رغم ان احداث الوباء مؤلمة ان تكتب الان وتتحول الى اعمال روائية ودرامية ومسرحية .. الا ان الاجيال القادمة تحتاج لكل الاجراءات والتضحيات والمساعدات التي قامت بها العديد من شرائح المجتمع وخاصة الجيش الابيض من الاطباء والممرضيين .. وتجسيد الحالات الانسانية التي عاشها العديد من الناس .. هذا ماجعل رواية البير كامو الطاعون تنفرد بهذا النوع من الادب ..

27-06-2020, 23:23
عودة