الرئيسية / التشابيه الحسينية :مسرح متنقل يتحول لتراجيديا عالمية

التشابيه الحسينية :مسرح متنقل يتحول لتراجيديا عالمية

خاص : " Today News"
رغم معرفتي بتفاصيل الواقعة الاليمة بكل مكنوناتها الا أن  سعادتي فاقت حزني الحسيني لرؤية اخي الصغير وهو يتدرب على دوره  في التشابيه الحسينة التي اقامها شباب المنطقة   تنفيذا للأمر الالهي في القران الكريم " ومن يعظم شعائر الله فأنها من تقوى القلوب " وتلبيــة للنداء المذهبي  "احيــوا امرنا رحم الله من امرنا "
اذ تمثل التشابيه الحسينية جزءا من التراجيديا الشعبية لطقوس  الشعائر الحسينية  خلال محرم الحرام لأهل العراق  والتي تجاوزت امتداداتها لتشمل اغلب البلدان الاسلامية ، والجاليات  الشيعة في البلدان الاوربية .
والتشابيه.. مفردة اقترنت مع عاشوراء الإمام الحسين (ع)، وهي نوع من التمثيل يحاول الممثلون من خلاله تجسيد  واقعة " الطف " التاريخية بأطلاله شعبية  تتجاوز الصناعة السنيمائية  وابجدية الكتب واثير المحاضرات الدينية  .
 ( جيش الحسين) و(جيش يزيد) في مسرح متنقل بين الشوارع ولسان حال الموالين لعنة  الله على شمر وأعوانه ،أما السؤال الذي  طرحته  " "Today News" أثناء تجوالها بين   مواكب العزاء الحسيني في "مدينة الصدر" "هل استطاع  المسرح الشعبي للتشابيه الحسينية  أن يوصل  فحوى رسالة  التضحية لمعركة الطف  ؟.
طقوس سنوية
 سيد مجيد "المبرقع " ينضم سنوياً موكباً للتشابيه الحسينية يجمع شباب المنطقة ويوزع الادوار فيما بينهم  بين موالين للحسين  وخصوما له  .
يقول :  في كل عام وقبيل شهر محرم الحرام نستعد لموكب التشابيه الحسينية في يوم عاشورا نوزع الأدوار فيما بين المشاركين وكذلك  الملابس الخاص بكل دور.
ويضيف لوكالة" " Today News""يزداد سنوياً  عدد الشباب وحتى كبار السن ممكن يتبرعون للمشاركة في تجسيد أحداث معركة الطف التاريخية ،وكثير من النسوة يحملن أطفالهنً الصغار للمشاركة سعياً لإعطائهم دورس غير مباشرة لمذهب الـ"البيت الاطهار" وللتبرك في المشاركة .
جيش الحق والباطل
وعن أهم المعوقات التي تواجه انجاح تجربة التشابيه  يقول : ان "اغلب المشاركين يرغبون في تجسيد ادوار الصحابة واتباع الامام الحسين (ع) والقليل من يجسد ادور جيش واعوان ابن زياد واصعب الادوار هي ايجاد شخصية الشمر  الذي غالبا ما يواجه النفور المجتمعي لتقمص شخصية قاتل الامام الحسين" .
جعفر مهدي شاب عشريني يجسد شخصية  علي الاكبر ابن الامام الحسين عليهما السلام ومن الملاحظ ان اختيار جعفر جاء لوسامته ووجه الجميل وصوته الجهوري ،اذ وبحسب جعفر الذي تحدث لوكالة " " Today News" "انه وقبل ثلاث سنوات كان يجسد شخصية الامام القاسم "ع".
منهجا تثقيفيا ً
 ويضيف :تنهال عروض التشابيه قبيل  شهر محرم وتجربتي في تلك الدراما الحسينية الشعبية افضت الى التعمق في قراءة الروايات التاريخية التي نقلها مراجعنا العظام عن اهل البيت ومعركة الطف الخالدة  الامر الذي الهمني لا شعوريا الى التثقف بالأدب الحسيني والتوغل في  القراءة بشتى فروعها  .
 رواج اقتصادي
وتشهد الاسواق المحلية العراقية رواجا لبيع ادوات ومستلزمات التشابيه الحسينية من سيوف ودروع وزنجيل المواكب اضافة للطبول ، اذ واستكمالا لجولتنا الي حطت رحالها في سوق الاولى بمدينة الصدر اذ شهدنا الاقبال الواسع لبيع مستلزمات المواكب والتشابيه.
يحدثنا حسن سعدون وهو يمتلك متجر صغير لبيع تلك الادوات  عن اسعارها ومنشئ صناعتها، فبحسب سعدون ان اسعار الطبول تتجاوز ال (150 الف دينار) فيما تختلف اسعار الزنجيل بين صغير وكبير ما بين(5 – 10 الف دينار)  اما سعار السيوف والدروع فتتراوح بين (20- 40 ) الف دينار ويصف سعدون اتساع مهرجانات التشابيه موسم أنتعاش اقتصادي لعمله .
ويطرح الدكتور فاضل السوداني في ملف تفصيلي حول اصل الطقوس الدينية المعروفة بالتعزية  عبر اطروحة علمية مشيرا الى ان تلك الطقوس ما زالت  تقام حتى اليوم من قبل الشيعة المسلمين في العراق ولبنان والبحرين إيران، أهمية خاصة لأنها تقترب من مسرح الفرجة والعرض الشعبي، و بالرغم من طابعها الديني إلا أن طبيعة العلاقة بين الجمهور والمؤدي تعتمد دائما على تغريب الحدث والشخصية، مع إمكانية تميزنا لملحمية الأحداث أيضا.
التشابيه والمسرح الاوربي
ويوضح السوداني أن التعزية أحد اقدم المراثي الدرامية في العالم الإسلامي التي يمكن استخدام بعض تكتيكها الفني والملحمي في العرض المسرحي المعاصر. وتعرضت التعزية دائما للمنع من قبل السلطات لأسباب دينية وأخرى سياسية.((وقد نجد للتعزية معادلا في المسرح الأوربي وخاصة في المسرحيات الدينية المسماة ـ الرغبات الربانية ـ. وتقارن التعزية أحيانا بالتراجيديا اليونانية، أما البعض الآخر فيؤكد على تشابه نصوص التعزية مع بعض النصوص الدينية البابلية.)) ويمكن مقارنتها بمسرحيات الأسرار الدينية  أو المسرحيات الأخلاقية التي كانت تعرف في أوربا في القرون الوسطى.
ويضيف: يمكن دراسة التعزية في الوقت الحاضر على اعتبارها طقسا دراميا سواء من ناحية الطاقة التصويرية الكامنة في لغة الطقس، أو من ناحية درامية الاحداث و الحركة التعبيرية التي يفجرها قطاع كبير من الجمهور المشارك في هذه الطقوس والذي يتعدى دوره من المشاهدة إلى المشاركة الفعلية في هذه الشعائر وذلك للوصول إلى حالة المناصرة للإمام الشهيد الحسين بن علي(ع)  أبان ثورته.
ويوضح السوداني في اطروحته بأن التعزية في بداية نشوئها كانت تقليدا حيا لمأساة الأمام الحسين وما تبعها من مآسي وحتى استشهاده  وسبي عائلته. ولكن بمرور الزمن فان التعزية امتزجت بالحياة السياسية والاجتماعية حتى أن بطلها الحسين "ع" اصبح رمزا قوميا وانسانيا واسلاميا ، فمن خلال إعادة عرض هذه
المأساة كل عام كطقوس تقام في الأول من شهر محرم ولمدة عشرة أيام، تتحول ساحات المدينة إلى تجمع سكاني هائل لأجل المساهمة في هذه الشعائر الدينية ـ الدرامية، إذ تتضمن المسيرات والتظاهرات فصولا من المأساة تروى في كل يوم من الأيام العشرة أو تُمثل كطقوس تراجيدية  ذات طابع درامي  لمذبحة الامام وأنصاره.
التشابيه النسوية
التشابيه الحسينية لم تقتصر على تجسيد الأدوار من صنف الرجال فقط فدور المرأة لا يقل اهمية لتجسيد دور الشخصيات النسوية لمعركة الطف بداً من بنات الامام الحسين"ع" وعياله حتى السيدة زينب الكبرى وباقي نسوه ال البيت الاطهار "وهنا تبرز مشاركة للمرآة في تمثل الادوار النسوية .
اذ توضح السيدة ام محمد وهي مشاركة في مسرح حسيني : انها تشارك ضمن التشابيه منذ خمسة اعوام  مع اطفالها الثلاثة ،وتضيف مشاركتي هدفها  ايصال رسالة الامام الحسين "ع " ومشاركة اطفالي جزء من رسالة توعوية تثقيفية ومعرفية بالمذهب ومصائب بيت النبوة الأطهار .
12-09-2019, 12:12
عودة