الرئيسية / دراسة حديثة : العقل البشري يولد ضوءً خافتا أثناء التفكير

دراسة حديثة : العقل البشري يولد ضوءً خافتا أثناء التفكير

"Today News": متابعة 

 

الضوء سر من أسرار الحياة، وعنصر رئيسي لضمان استمرارية مختلف الأنظمة البيئية على الأرض، بل أن بعض الأنواع الحية مثل الديدان والأسماك تشع بالضوء من تلقاء نفسها، وكذلك الأمر بالنسبة للمخ البشري.

 كشفت دراسة حديثة فسر بها العلماء هذه الظاهرة بما يطلق عليه اسم "الفوتونات الحيوية" وهي جسيمات مضيئة تنبعث كناتج للعمليات الكيميائية الحيوية وتقترن بتوليد الطاقة داخل الخلايا الحية.

وكلما زادت كمية الطاقة التي تستهلكها الخلايا، كلما زادت كمية الضوء التي تنبعث من الأنسجة الحية.

وفي هذا الإطار، توصل فريق بحثي كندي إلى أن المخ البشري يشع بضوء خافت أثناء عملية التفكير، بل وأن انبعاث الفوتونات الحيوية تتغير طبيعته أثناء أداء العمليات المعرفية المختلفة داخل العقل.

ورغم أن العلاقة بين انبعاث هذا الضوء الخافت داخل المخ وبين الأنشطة المعرفية ليست واضحة تماما، يعتقد الباحثون من جامعة ويلفريد لاورير في مدينة أونتاريو الكندية أن تلك الجسيمات المضيئة تلعب دورا مهما في وظائف المخ المختلفة.

وتقول رئيسة فريق الدراسة نيروشا موروجان المتخصصة في علوم الفيزياء الحيوية أن علماء معنيين بدراسة الأنسجة الحية، بما في ذلك الخلايا العصبية، رصدوا انبعاثات ضعيفة من الضوء ناجمة عن تكون بضع عشرات إلى عدة مئات من الفوتونات داخل عينات من الأنسجة الحية بحجم سنتيمتر مربع في الثانية الواحدة داخل أوعية الاختبار المعملية.

ومنذ القرن الماضي، يعتقد علماء الأحياء أن الجسيمات المضيئة الحيوية تلعب دورا في التواصل بين الخلايا، وفي عام 1923، أثبت العالم الروسي ألكسندر جورويتش أن وضع حواجر لحجب الفوتونات داخل جذور البصل يمنع نمو النبات، وقد أكدت العديد من الدراسات خلال العقود الماضية أن الفوتونات الحيوية تلعب بالفعل دورا في التواصل الخلوي، وتؤثر على نمو وتطور الكائنات الحية.

ومن هذا المنطلق، شرعت موروجان وفريقها البحثي في تتبع هذه الظاهرة في العقل البشري وتقصي أسبابها عن طريق قياس كمية الفوتونات التي تبعث من المخ أثناء العمل.

وفي إطار التجربة التي نشرتها الدورية العلمية iScience، ارتدى عشرون متطوعا أغطية رأس مزودة بأقطاب لتسجيل النشاط الكهربائي للمخ، وتثبيت أنابيب خاصة على الرأس لتضخيم أي انبعاث للجسيمات الضوئية أثناء التفكير، مما يتيح إمكانية رصدها.

ووجد الباحثون أن عناقيد الفوتونات المضيئة تتركز في منطقتين أساسيتين من المخ وهما الفصوص القذالية في الجزء الخلفي من الرأس، وهي المنطقة المسؤولة عن معالجة الصور البصرية داخل المخ، وفي الفصوص الصدغية على جانبي الرأس، وهي الجزء المسؤول عن معالجة الأصوات.

وحسبما قالت موروجان في تصريحات للموقع الإلكتروني "ساينتفيك أميركان" المتخصص في الأبحاث العلمية فإن "أول نتيجة لهذه التجربة هي أن الفوتونات تنبعث فعلا من المخ، وتحدث هذه العملية بشكل مستقل، وهي ليست خداع بصري ولا عملية عشوائية".

واتجهت موروجان بعد ذلك لقياس ما إذا كانت كثافة هذه الانبعاثات تتغير مع اختلاف العملية المعرفية التي يقوم بها المخ.

ونظرا لأن المخ عضو يتسم بالشراهة من ناحية التمثيل الغذائي، فقد افترضت أن كثافة الجسيمات المضيئة التي تنبعث منه سوف تزداد كلما انخرط المخ في أنشطة معرفية تتطلب كميات أكبر من الطاقة مثل معالجة الصور البصرية.

كذلك وجد الباحثون أن التغيرات في كمية الجسيمات المضيئة ترتبط بتغير الوظيفة المعرفية التي يقوم بها المخ، مثلما ما يحدث عند إغلاق العين ثم فتحها مرة أخرى على سبيل المثال، وهو ما يشير إلى وجود علاقة ما بين التحولات في العمليات المعرفية التي يقوم بها العقل وبين كميات الفوتونات الحيوية التي تنبعث منه.


اليوم, 11:09
عودة