"Today News": بغداد
في أعقاب حربين عالميتين مدمرتين، وُعدت البشرية بعصر جديد، يقوم على أسس العدالة والكرامة والتسامح والرحمة، وصون الحقوق والحريات والواجبات المتبادلة.
لقد رُفعت راية القيم الإنسانية، ووُضعت في صلب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بوصفها ميثاقًا أخلاقيًا وقانونيًا لحماية الإنسان من الطغيان والظلم والعنف.
لكن اليوم، تهاوت هذه القيم أمام أعين العالم.
إننا نعيش في عالم باتت فيه القوى الكبرى التي طالما رفعت شعارات حقوق الإنسان، تساند أنظمة ترتكب جرائم إبادة جماعية وانتهاكات فاضحة ضد المدنيين الأبرياء. يُقصف الناس في منازلهم، يُمنع عنهم الغذاء والدواء، وتُرتكب المجازر في وضح النهار، بينما يسود صمت دولي مخجل، تُمليه المصالح لا المبادئ.
نسأل بصوت الضمير:
أين هو الضمير الإنساني مما يحدث في غزة من جرائم مروّعة بحق الأطفال والنساء والمرضى؟
أين هو الضمير من فلسطين المحتلة، حيث يُمارس القتل والتشريد والاضطهاد منذ عقود؟
أين هو من شعوب تُذبح جوعًا وقصفًا في بقاع مختلفة من العالم، دون أن يرفّ للعالم جفن؟
أين هي الإنسانية من هذا الانهيار الأخلاقي، وهذا الصمت المطبق؟
الضمير ليس شعارًا يُرفع في المؤتمرات، ولا جملة تُكتب في تقارير باردة.
الضمير الحي هو موقف عملي حين تُهدَّد العدالة، وصوت شجاع حين يُسحق الضعفاء، وفعل مسؤول حين تُرتكب الجرائم باسم القوة والاحتلال.
الضمير الإنساني الحقيقي لا يعرف الازدواجية، ولا يخضع للعنصرية، ولا يتحرك وفق الحسابات السياسية. إنه ضمير عادل، ينتصر لكل مظلوم، ويقف بوجه كل ظالم، أيًّا كان اسمه أو مكانه أو لونه.
إن الصمت أمام هذه الجرائم ليس حيادًا، بل تواطؤ. وإن تبرير قتل الأبرياء خيانة لقيم الإنسانية كلها.
ندعو كل صاحب ضمير حيّ—أفرادًا ومؤسسات، دولًا ومنظمات—إلى كسر جدار الصمت، والقيام بالواجب الإنساني والأخلاقي. إلى رفع الصوت، واتخاذ الموقف، والوقوف مع كل من سُلبت حقوقه وسُفك دمه وشُرّد من أرضه.
فالعدالة المؤجلة هي عدالة ميتة، والضمير الغائب يُنذر بمستقبل مظلم للبشرية.
الدكتور وليد الحلي
الأمين العام
لمؤسسة حقوق الإنسان في العراق
25-6-2025