الرئيسية / الحوار المثمر هو الأمل لمستقبل أفضل

الحوار المثمر هو الأمل لمستقبل أفضل

"Today News": بغداد 


     بسم الله الرحمن الرحيم


في عصرٍ تتزايد فيه الانقسامات والنزاعات السياسية والقومية، أو الصراعات الناشئة بسبب النزعة التسلطية، حرص الإمام محمد الباقر (عليه السلام) على ترسيخ قيم الوحدة والتفاهم، من خلال تنظيم الحوارات بين الفرق الإسلامية على أساس الاحترام المتبادل، وسعى لبناء مجتمع خالٍ من الأحقاد، وتسوده المحبة والرحمة والتعاون:

1-حوار الاحترام المتبادل
لقد حثّ على الحوار القائم على الإنصاف والتواضع والاحترام المتبادل، محذرا من الخصومات العقيمة التي لا تنتج إلا الشكوك، والكراهية، وفساد القلوب، قائلا: “إيّاك والخصومات، فإنّها تُورث الشكّ، وتُحبط العمل، وتُردي صاحبها، وعسى أن يتكلم الرجل بالشيء لا يُغفر له".

2-الضوابط الأخلاقية في الحوار:
لقد بيّن الإمام أن نجاح الحوار لا يكون إلا بضوابط أخلاقية واضحة، منها:
 • الإنصات والتقدير: وهو الاستماع الجاد، دون مقاطعة أو استعلاء.
 • التركيز على الفكرة لا الشخص: حيث النقاش العلمي لا الشخصي.
 • الهدوء واللباقة: باستخدام لغة رفيعة، من دون عصبية أو تهجم.
 • الاعتراف بالخطأ: وهو فضيلة الكبار وميزان الصدق.
 • البحث عن الحق: لأن الحق هو الهدف الحقيقي من الحوار، لا الغلبة.
وكان (عليه السلام) يحذر بشدة من الحوار المتعصب الذي يتحول إلى خصومة ويغذي التفرقة،
ويقول:
“إياكم والخصومة، فإنها تُفسد القلب وتُورث النفاق.”
و “إن المؤمن أخو المؤمن، لا يشتمه، ولا يحرمه، ولا يسيء به الظن"
و" الخصومة تمحق الدين وتحبط العمل وتورث الشك".

3-بناء وحدة الأمة:
كان الإمام (ع) يرفض استغلال الدين وسيلة للتسلط أو للترف، ودعا إلى التراحم والتكافل، حيث يقول:
•  (ليُعن قويّكم ضعيفكم، وليعطف غنيّكم على فقيركم، ولينصح الرجل أخاه كنصحه لنفسه).
•  (عليكم بالحب في الله، والتودد، والمؤازرة على العمل الصالح، فإنه يقطع دابرهما: السلطان والشيطان).
•  (صلة الأرحام تُزكّي الأعمال، وتُنمي الأموال، وتدفع البلاء، وتُيسّر الحساب، وتُطيل العمر).

4-ثبات العقيدة حتى الشهادة:
لقد كان الإمام الباقر صوتا للوعي والتقوى والعلم، لا يهادن الظالم، ولا يسكت عن الباطل، ولا يساير المتسلطين على رقاب الناس، لذلك لم يكن وجوده مريحا لحكّام بني أمية الذين كانوا يرون في كلماته ومواقفه خطرا على ملكهم، فدسّوا له السم في زمن الخليفة الأموي هشام ابن عبد الملك، واستشهد مظلوما في السابع من شهر ذي الحجة سنة 114 هـ، وولادته كانت في 1 رجب 57هـ ( 13-5-677م-1-2-733م) عن عمر ناهز 57 عاما.

فكانت الشهادة خاتمة لحياته -عليه السلام- لأن لغة الحوار وترسيخ الوحدة لا يُرضيان الطغاة.

لقد استُشهد الإمام الباقر؛ لأنه كان أمام الحوار والوعي والكرامة، وكانت كلماته تفضح الظلم وتوقظ الضمير.
استُشهد لأنه جسّد بقيمة أن الحوار أرقى من العنف، والعدل أسمى من الطغيان، والحقيقة أقوى من السيف.

5-شهيد قيم حب الإصلاح والسلام:
في ذكرى شهادة الإمام محمد الباقر (عليه السلام)، نستلهم من سيرته العطرة أسمى القيم التي تزرع في النفس حب الإصلاح والسلام، وأبرزها ثقافة الحوار البنّاء، التي دعا إليها الإمام بكل وضوح، وجعلها من أعمدة نهضته العلمية والاجتماعية.

وفي ذكراه، نجدد التمسك بنهجه، ونؤمن أن بناء المستقبل يبدأ من الكلمة الطيبة، ومن صدق النية، ومن الحوار النزيه بين أبناء الأمة.
فسلامٌ عليه يوم وُلد، ويوم استشهد، ويوم يُبعث حيا.

     وليد الحلي
4 حزيران 2025
4-06-2025, 13:20
عودة