بدأ الكاتب تيموثي غارتون آش مقاله في صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية متسائلاً: مع اندلاع ثلاث أو حتى أربع حروب كبرى، من يمكنه أن يشكك في خطورة المرحلة الراهنة؟
يلفت الكاتب النظر إلى أن مرور الذكرى الثمانين لنهاية الحرب العالمية الثانية في أوروبا يتزامن مع ظهور دلائل متزايدة على انتهاء النظام الدولي الذي قادته الولايات المتحدة لمدة طويلة.
ويطرح تساؤلات: ماذا سيحدث بعد ذلك؟ هل سيظهر نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، أو ستعود دول العالم إلى تقسيمات مناطق النفوذ كما في السابق؟ أو ربما سنشهد ظهور نموذج عالمي يشبه "الوفاق الأوروبي" الذي ساد في القرن التاسع عشر؟لكن الكاتب يرى أن الإجابة الأكثر واقعية هي "أننا قد نعيش فترة طويلة و خطيرة من الفوضى العالمية".
يشير الكاتب إلى أنه في ظل اندلاع ثلاث أو حتى أربع حروب كبرى حالياً، في أوكرانيا وغزة والسودان، والتوتر النووي المتصاعد بين الهند وباكستان حول كشمير، إلى جانب تصاعد الحواجز التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم من خلال رسوم جمركية مرتفعة، يصعب إنكار أننا نعيش في مرحلة من الفوضى العميقة.
ويقول الكاتب إنه رغم أن البعض لا يزال يأمل في الخروج من هذه المرحلة، إلا أن هناك أسباباً قوية تدعو إلى التشكيك في هذا التفاؤل، على حد تعبيره.
يشير المقال إلى أنه رغم عدم حتمية اندلاع حرب بين الصين والولايات المتحدة، فإن فترات تحول موازين القوى الكبرى غالباً ما تترافق مع تصاعد التوترات الدولية. ويضيف أن زعيمي الصين وروسيا جددا خلال لقائهما الأخير في موسكو التزامهما بشراكة استراتيجية في مواجهة الغرب.
في هذا السياق، يرى الكاتب أن روسيا باتت تُدار وفق منطق "اقتصاد حربي"، حيث يظهر فلاديمير بوتين مصمماً على استعادة أكبر قدر ممكن من إرث الإمبراطورية الروسية. في المقابل، تقود الهند تحت حكم ناريندرا مودي مشروعاً قومياً طموحاً، يترافق مع عداء متجذر تجاه باكستان، المدعومة من الصين.
يضيف الكاتب أنه إلى جانب القوى العظمى المتنافسة، هناك دول متوسطة مثل تركيا والبرازيل وجنوب إفريقيا التي ترى في الفوضى الحالية فرصة لتحقيق مصالحها، على حد تعبيره.
يُشير المقال إلى أن "السد الهش" الذي يمنع انتشار الأسلحة النووية على وشك الانهيار، موضحاً أنه على مدار 80 عاماً منذ إسقاط القنابل النووية على هيروشيما وناغازاكي، ظل الحظر غير الرسمي على استخدامها قائماً. ومع ذلك، يشهد العالم الآن حرباً كبرى تخوضها روسيا النووية ضد أوكرانيا.
يشير الكاتب إلى أن كوريا الجنوبية تفكر بجدية في امتلاك أسلحة نووية، نظراً لدعم روسيا لكوريا الشمالية ضد أوكرانيا، بينما تشهد منطقة الشرق الأوسط توترات بين إسرائيل النووية وإيران التي تقترب من امتلاك الأسلحة النووية. من جهة أخرى، بدأ الأوروبيون يشعرون بالحاجة إلى قوة نووية خاصة بهم، وفق ما جاء في المقال.
يختتم الكاتب مقاله بالقول: " لا شيء في التاريخ محتوم". داعياً إلى أهمية "الاستعداد بنشاط لفترة طويلة من الفوضى العالمية".