الرئيسية / العاصم الأخير قبل الطوفان

العاصم الأخير قبل الطوفان

تباينت ردة الفعل بشان قرار البرلمان العراقي المطالب بمعالجة مصير وجود القوات الأجنبية في العراق، واختلفت المواقف بشأنه بين مؤيد ورافض لاخراج القوات الامريكية منه. وهاجت وماجت القرائح منفعلة تعكس زاوية المواقف حسب مقادير الموالات لهذا المعسكر وذاك، وكلاهما يرى في تغليب رأيه منفعة للبلد.
 وحتى لا اتهم بغموض هوية موقفي من كلا المعسكرين، اذكر هنا قولة، جبلنا على سماعها في موروثنا الشعبي (روحه بله رده) فان خرجت القوات الامريكية فبرأي غير مأسوف عليها فلا وجود لعاقل لا يدرك ان كل مصائب العراق والشرق الاوسط والعالم تجري من تحت قبعة رؤس لوبيات ساستها وجنرالاتها ، وعملائهم واذنابهم في المنطقة.  
وإذا سلمنا بما يعتقده البعض ان خروجهم سيكون ضارا  بمقادير الحسابات الامنية والاقتصادية المحيطة بالعراق ، فلطالما أدركنا منفعة مقولة "رب ضارة نافعة" . وهي فرصة للعراق والعراقيين شعبًا وساسة لمراجعة حسابات تقييم قرارهم التاريخي المصيري في احلك ظرف تمر به البلاد، بوعي وبصيرة بعيدا عن العواطف وردود الافعال  الانفعالية والميل لهذا الطرف او ذاك . ولنتمعن بهذه الفرصة من زاوية اختيار العاصم الذي نتخذه خلاصا لبلدنا من محنته التاريخية قبل مجيء الطوفان ولنتساءل بارادة وطنية خالصة .
- اليست هي فرصة للعراقين ان يرسموا بارادة وطنية  استراتيجية لبناء بلدهم وفق قاعدة توازنات دولية لا ترهنه  تحت رحمة ارادات الهيمنة الدولية والإقليمية برهانات انفرادية،  فليس صحيح ان لا  مستقبل للعراق الا بالوجود الامريكي دون سواه من الاقطاب النافذة دوليًا، ولا بالارتهان للجارالإقليمي منعزلًا عن الاخرين ، فلا بوابة الا بوابته والحكمة في السياسية تقول " ليس هناك عدو دائم ولا صديق دائم وإنما مصالح دائمة".
 - اليست هي فرصة مؤاتية لتفكير عاجل يلملم بها العراقيون شتاتهم ويصنعون موقف وطني موحد ينتصرون به لكرامة وعزة ابناء شعبهم الذي ضحوا من اجل وطنهم وقدموا قرابين للدفاع عنه وعن إعادة نيل حقوقهم المسلوبة والمضيعة على مدار عقدين ؟
- اليست هي فرصة سانحة  لمعالجة اشكالية تركة اخطاء ١٦ عاما من تعويق للعملية السياسية هيمن بها الفساد والفاسدين على مفاصل الدولة وقضت على خيرات ومستقبل العراق بفضل ومساعدة من هذا الطرف وذاك ، وتعاملوا خلالها مع المجتمع العراقي على اساس مقاطعات وكونتونات جذرت الطائفية والقومية والمذهبية فيه ومسخت روح وهوية الوحدة الوطنية بشعار فرق تسد.
- اليست هي فرصة ليعمل اصحاب القرار والنخب بعيدا عن إملاءات واصطفافات اللاعب الدولي والإقليمي  والذي لم ولن يفكر الا بمصالحه على حساب ترك العراق بقرة حلوب لمكاسبه السياسية والاقتصادية والأمنية.  
- اليست هي فرصة ذهبية لتعاد الروح المعنوية لثقة الشعب بساسة يضعون مصلحة بلدهم فوق اي مصلحة اخرى فالوطن اولا وهو الخيار الاوحد لاي اصطفاف بينهم.
- اليست هي فرصة مثالية للتحرر من عقدة الاعتماد الأمني على( الأجنبي)، ونعيد من خلالها رسم بنية المؤسسة الامنية بسواعد مهنية عراقية واعادة الثقة الاعتبارية والمهنية لمؤسسات الجيش العراقي  واكمال مفاصل تأسيس وحداته برًا وجوًا وبحرًا ،ليكون الواجهة الوحيدة للدفاع عن استقلال ووحدة أراضيه ، ويكون هو المظلة التي تذوب وتنطوي تحتها كل اوجه التشكيلات المختلفة ونطوي صفحة احتياجنا لعناوينها  التي ألزمتنا ظروف قاهرة لعنًونتها اضطرارا .
- اليست هي فرصة لن تعوض لنندفع بقوة لاحياء الصناعات الوطنية وبعث الحياة اليها لتستوعب تشغيل الايدي العاملة العراقية وامتصاص البطالة وتقليص نفقات الاستيراد الباهظة.
- اليست هي فرصة لاعادة رسم مسار استثمار ثروات البلاد على أساس عادل يعود ريعها بالنفع على بناء البلاد وإعمارها وازدهار ورفاه شعبها بعيدا عن التحاصص والتناسب والسلب والنهب ومنع التجاوز على المال العام.  
- اليست هي فرصة عظيمة لانتخاب طبقة سياسية تنتج رئيسا وحكومة وبرلمان وقضاء يلتزم جميع افرادها بالمسؤولية الوطنية وتعمل للدفاع عن مصالحه العليا بعيدا عن المضايقات الحزبية والمذهبية والقومية ،فلا مصلحة اكبر من مصلحة البلاد اولا واخيرا .
- اليست هي فرصة جبارة للقيام بثورة تصحيحية لمنظومة ادارة الدولة وفق اسس علمية صحيحة لا مجال فيها للاجتهاد والارتجال وتعتمد الكفاءة والمهنية والنزاهة معيارًا للعاملين فيها .
-  واخيرا وليس آخرا ، اليست هي فرصة ثمينة ليعود عنًوان العراق لاعبا قويا في مضمار الساحة العربية والدولية تعاد فيه إشراقاته الحضارية والتاريخية ومكانته الجغرافية والدينية والعلمية والثقافية يكمل فيها كتابة جملة الحضارة الانسانية الاخيرة ، بعد ان وضعت وخطت في ارضه اول حروف المعرفة ليكتب ملحمة الخلود للبشرية جمعاء .
7-01-2020, 09:48
عودة