الرئيسية / معركة الاصلاح.. محمد عبد الجبار الشبوط

معركة الاصلاح.. محمد عبد الجبار الشبوط

بحسب المرجعية الدينية، فان ما يجري في العراق منذ الاول من تشرين الاول هو  "معركة مصيرية وهي (معركة الإصلاح)" وليس مجرد تظاهرات احتجاجية، وبذا تختلف المرجعية عن فريق من الناس ما زال ينظر بعين الريبة الى هذه التظاهرات. وما دامنا نستخدم مصطلح "معركة االاصلاح"، فاننا نتجاوز عبارة "طلبات المتظاهرين" التي تحصر الامر بشعارات تطلق  هنا وهناك باسم المتظاهرين، لننطلق الى افق ارحب ودائرة اكبر هو الاصلاح باطلاق الكلمة، لتشمل كل انواع الاصلاح، او لتشمل كل ما سببه الفساد من خراب. ولهذا تحدد المرجعية  هدف هذه المعركة بعبارة عريضة هي:"العمل على انهاء حقبة طويلة من الفساد والفشل في ادارة البلد". وكل من يحلل حالة البلاد الان يستطيع ان يشخص  المجالات المتعددة التي تحتاج الى اصلاح في الفرد والمجتمع والدولة ، واخذا بنظر الاعتبارات طبيعة الممارسات التي يشهدها او يعاني منها المجتمع العراقي لا نتردد في القول ان الامر يتطلب اصلاحا حضاريا شاملا. واذا كانت المرجعية  تحدد المفاهيم التي ترسم الافق، فان وظيفة المتلقين تشخيص المصاديق التي تحدد المهام.
الهدف هو  "انهاء حقبة"، كما تنص المرجعية، والبدء تبعا لذلك بحقبة جديدة. في تاريخ العراق المعاصر.
وفشل "الحقبة الطويلة" لا يعني تبرئة الحقبة التي قبلها، فاغلب ما يجري في العراق الان هو حصيلة تراكمية لما حصل في السنوات العديدة الماضية وصولا الى لحظة اندلاع معركة الاصلاح. لكن كان من المفروض ان الحقبة الاخيرة تفتح صفحة جديدة في تاريخ العراق عنوانها العدل والنجاح والرخاء. وهذا لم يتحقق.
وفي الترتيب الزمني  نتذكر ٣ حقب في العهد الجمهوري:
الجمهورية الاولى (١٩٥٨-١٩٦٨)، والتي حكم العراق فيها ثلاثة ضباط هم عبد الكريم قاسم، وعبد السلام عارف، وعبد الرحمن عارف.
الجمهورية الثانية (١٩٦٨-٢٠٠٣)، والتي حكم فيها حزب البعث بالحديد والنار والحروب الداخلية والخارجية.
الجمهورية الثالثة (٢٠٠٣-٢٠١٩) والتي حكمت فيها الاحزاب الشيعية والسنية والكردية بالمحاصصة  فكانت النتيجة الفشل والفساد وتردي الخدمات والفقر.
اليوم تهدف معركة الاصلاح  انهاء  هذه الحقب الطويلة من المعاناة باقامة دولة جديدة تضمن العيش الكريم للانسان، اطلقتُ عليها منذ سنوات اسم:  الدولة الحضارية الحديثة.
الفساد والفشل لهما اسباب، والقضاء عليهما يتطلب معالجة الاسباب. وقد اطلقت على هذه الاسباب اسم "عيوب التأسيس".
واذا كانت الاشياء تعرف بنظائرها او اضدادها فان معركة الاصلاح/ ضد الفساد يمكن ان تقارن بالمعركة صد الارهاب.  بل "لا تقلّ ضراوة عن معركة الارهاب إن لم تكن أشد وأقسى".
والمرجعية الدينية اخبر الناس بالمعركة ضد الارهاب لانها هي التي اصدرت فتوى الجهاد الكفائي الدفاعي ضد داعش.
لكن النصر الذي تحقق على يديها ضد داعش يجعلها واثقة من تحقيق النصر في معركة الاصلاح. فالجنود الذين خاضوا ببسالة ونجاح المعركة ضد الارهاب، وهم "العراقيون الشرفاء الذين استبسلوا في معركة الارهاب قادرون ـ بعون الله تعالى ـ على خوض غمار هذه المعركة والانتصار فيها أيضاً".
لكن هذا التفاؤل بالنصر مشروط بحسن ادارة المعركة: "إن أحسنوا ادارتها"، "ومن المؤكّد أن إتّباع الاساليب السلمية هو الشرط الاساس للانتصار فيها". والاساليب السلمية تعني العمل في اطار الدستور والقانون، حتى لو تطلب الامر تعديل الدستور، لان الخروج عن هذا الاطار المرجعي يحمل في طياته خطر الانفلات والفوضى.
التفاؤل، لماذا؟
 "ومما يدعو الى التفاؤل هو إن معظم المشاركين في التظاهرات والاعتصامات الجارية يدركون مدى أهمية سلميّتها وخلوها من العنف والفوضى والإضرار بمصالح المواطنين،"
14-12-2019, 09:30
عودة