الرئيسية / من المبعوثان إلى البرلمان الملكي .. بغداد تستعيد ذاكرة الحياة النيابية (1908 – 1958)

من المبعوثان إلى البرلمان الملكي .. بغداد تستعيد ذاكرة الحياة النيابية (1908 – 1958)

"Today News":

تقرير عن ندوة مجلس التراث البغدادي – العطيفية / بغداد
الاثنين 3 تشرين الثاني 2025
________________________________________
???? مقدمة: المجلس يفتح دفاتر الذاكرة ..
في أمسية هادئة يجاور فيها عبق دجلة أصوات الكتب، احتضن مجلس التراث البغدادي في منزل الدكتور صلاح عبد الرزاق ندوته الشهرية، مخصِّصًا إياها لاستعادة ملامح الحياة البرلمانية في العراق، منذ بواكير القرن العشرين وحتى لحظة التحوّل السياسي الكبرى في ثورة 14 تموز 1958.
أدار الندوة الباحث عادل العرداوي، بحضور نخبة من المؤرخين والمهتمين بالشأن السياسي والتراثي، لتتحوّل الجلسة إلى رحلةٍ زمنية تجمع بين الوثيقة والتاريخ والحكايات التي تختبئ خلف الأرقام والقرارات.
________________________________________
???? المحور الأول: البدايات العثمانية وبذرة الوعي النيابي
د. صلاح عبد الرزاق
استهل د. صلاح عبد الرزاق حديثه بالإشارة إلى أن أول تماسّ للعراقيين مع فكرة التمثيل البرلماني الحديث بدأ عام 1908 مع صدور الدستور العثماني، واشتراك ولايات العراق الثلاث (بغداد – الموصل – البصرة) في انتخابات مجلس المبعوثان الذي انعقد في إسطنبول.
ثم انتقل إلى 1924، حيث شهد العراق أول انتخابات لتشكيل المجلس التأسيسي العراقي بدفع من السلطة البريطانية؛ لتوقيع المعاهدة العراقية – البريطانية، ومنح الملك فيصل الأول الشرعية الدستورية رغم الاعتراضات الدينية والوطنية آنذاك.
________________________________________
???? المحور الثاني: دورات مضطربة وحكايات لا تخلو من الطرافة
رفعت عبد الرزاق محمد
قدّم الباحث رفعت عبد الرزاق قراءة توثيقية مشفوعة بطرائف برلمانية، مشيرًا إلى أن النظام الملكي عقد 16 دورة نيابية بين 1925 و1958، لم يكتمل في معظمها عمر الدورة القانونية، إذ تم حلّ بعض المجالس بعد جلسة واحدة فقط!
وبيّن أن انتخابات 1948 كانت من أعنف الانتخابات وأشدها توترًا، بينما شهدت دورة 1954 واحدة من أهم التجارب الدستورية. وأورد واقعة الانسحاب الجماعي لـ 45 نائبًا في جلسة واحدة عام 1949، إبّان رئاسة مزاحم الباجه‌چي للحكومة.
وختم بأن العهد الملكي – برغم تقلباته – ما يزال في نظر كثيرين من أفضل مراحل العراق السياسية انتظامًا وتمثيلًا.
________________________________________
???? المحور الثالث: الموصل.. مدينةٌ تفصل بين خريطتين
د. ماهر جبار الخليلي
ركّز د. ماهر الخليلي على ملف ولاية الموصل وتأثيره في الانتخابات البرلمانية، موضحًا أن مصيرها كان موضع صراع بين العراق وتركيا الحديثة، وأن بريطانيا دفعت باتجاه تثبيت تبعيتها للعراق مقابل المصادقة على المعاهدة التي أثارت معارضة واسعة.
كما عرض تفاصيل قانون المجلس التأسيسي المؤلف من 124 مادة، ونسب المشاركة بين التجار، والمثقفين، ورجال الدين، وأصحاب الشهادات، مع الإشارة إلى أن التجربة ضمّت كوتا خاصة بالأقليات الدينية: المسلمين، المسيحيين، واليهود.
________________________________________
???? نقاشات الندوة: الذاكرة البرلمانية بين الوثيقة والرواية
بعد انتهاء البحوث، فُتح باب النقاش، فتحدّث الأستاذ نبيل الحسيناوي عن تجربة عبد الرحمن النقيب، مستحضرًا زمن الاغتيالات والاستقالات، فيما عرض الأستاذ ياسر العبيدي طرائف من جلسات مجلس النواب الذي انعقد مطلعًا في جامعة أهل البيت.
أما الباحث صباح السعدي فاستعاد رحلته لتوثيق قبر عبد المجيد كنه، وحديثه عن جسر حربي في مدينة بلد، مشددًا على ضرورة الاعتناء بالمواقع المرتبطة بتاريخ العراق السياسي والاجتماعي.
________________________________________
???? ختام المكان والزمان
اختُتمت الأمسية بصورة جماعية جمعت الباحثين والحضور، لتظل قاعة المجلس – بين جدرانها الخشبية ورائحة الكتب – شاهدة على أن بغداد، رغم ما مرّ عليها، ما زالت قادرة على إحياء ذاكرتها واستنطاق تاريخها، لا بوصفه أرشيفًا، بل حياة ممتدة تعبر الأجيال.
أمس, 20:30
عودة