الرئيسية / في رحاب ولادة السيدة زينب الكبرى (ع): صوت البطولة والوعي والعدالة الإلهية

في رحاب ولادة السيدة زينب الكبرى (ع): صوت البطولة والوعي والعدالة الإلهية

"Today News": متابعة 

بسم الله الرحمن الرحيم

1- زينب الكبرى (ع): أنموذجٌ خالد في العفّة والإيمان والعقل والبصيرة والجهاد والثبات
———————————
في الخامس من جمادى الأولى من السنة الخامسة للهجرة، أشرقت إلى الدنيا الحوراء زينب بنت الإمام عليّ (ع) وبنت سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (ع)، لتكون أنموذجًا خالدًا في العفّة والإيمان، والعقل والبصيرة، والجهاد والثبات.

لقد أكرم اللهُ النساء مرةً أخرى بزينب، التي جسّدت روح الإسلام في أنقى معانيه، فكانت شريكة النهضة الحسينية وصوتها الخالد عبر التاريخ، لتثبت أنّ المرأة المؤمنة قادرةٌ على حمل رسالة السماء بثبات وعزمٍ لا يلين.

زينب (ع) لم تكن ابنة بيت النبوّة فحسب، بل كانت امتدادًا حيًّا لذلك النور المحمدي الذي جمع بين العلم والإيمان، والرحمة والشجاعة، فكانت كما وصفها الإمام زين العابدين (ع): «عالمة غير معلَّمة، وفهمة غير مفهَّمة».

2- تهنئة ودعوة للتأمل
———————————
بمناسبة ولادة السيدة زينب الكبرى (ع)، نرفع أسمى آيات التهاني إلى مقام النبي الأكرم (ص) وأهل بيته الطاهرين (ع)، وإلى الأمة الإسلامية وأحرار الإنسانية بهذه الذكرى العطرة،
ونستذكر من خلالها عظمة امرأةٍ جسّدت النور الإلهي في الموقف والكلمة والجهاد، لتبقى رمزًا للعدالة والصبر والثبات والوعي الرسالي على مدى الزمان.

3- زينب (ع): مدرسة الخلود في قول الحق وصوت الانتفاضة التي لا تنطفئ
————————————
لقد جسّدت زينب (ع) مدرسةً خالدة في قول الحق مهما كان الثمن، وكانت لسان النهضة الحسينية الناطق وضميرها الحيّ بعد كربلاء.
فهي التي حوّلت الهزيمة الظاهرية إلى نصرٍ فكري وأخلاقي خالد، حين وقفت شامخةً أمام طاغية عصرها يزيد بن معاوية، وقالت كلمتها المدوّية:

“أَمِنَ العدلِ يا ابنَ الطلقاءِ تُخدّرُ حرائرك، وتُساق بنات رسول الله سبايا؟”

كانت كلماتها سهمًا اخترق جدار الزيف الأموي، وكشفت للعالم زيف من تاجروا باسم الدين لستر جرائمهم.
ثم صدعت بقولها الخالد:
“وأيامك إلا عدد، ووشيكًا تشهدهم ولن يشهدوك.”
لتعلن أنّ الظلم إلى زوال، وأنّ العدل الإلهي قادم لا محالة.

4- مدرسة الجهاد والصبر
————————————
لم تكن زينب (ع) مجرّد شاهدةٍ على الفاجعة، بل كانت صانعةً للوعي بعد الفاجعة في كربلاء، وقفت إلى جانب أخيها الإمام الحسين (ع) تشدّ عزائم المجاهدين، وتواسي الأرامل والأيتام، وتعلّم الأمة أنّ الجهاد لا يكون بالسيف وحده، بل بالكلمة والموقف والإيمان.

هي التي لبست عباءة أمها السيدة فاطمة الزهراء (ع) لتكمل طريق الدفاع عن الحق، كما لبس الامام الحسين (ع) رداء أبيه الامام عليّ (ع) في مقارعة الباطل.
فأصبحت زينب (ع) عنوانًا للمرأة الرسالية التي تمزج بين الفكر والجهاد، وبين الصبر والثورة، وبين الألم والأمل.

5- رسالة زينب (ع) في عصر الزيف
———————:
واليوم، في عصرٍ تهيمن عليه قوى التضليل وتزييف الوعي، تتجدّد رسالة زينب (ع) لتذكّر الإنسانية بأنّ مقاومة الظلم ليست حدثًا تاريخيًا، بل مشروعًا مستمرًا عبر العصور.

إن ما يُعرف اليوم بـ“دولة الزيف العميق”، التي تُدار بخيوط من التضليل الإعلامي والسياسي وتعمل على قلب الحقائق وتشويه القيم، ليست سوى امتدادٍ للطغيان الذي واجهته زينب (ع) في مجلس يزيد.

وفي هذا الواقع المليء بالمكر والخداع، تبرز روح زينب (ع) لتقول للبشرية:

إنّ العدل لا يُصان إلا بالوعي والإيمان، وإنّ مواجهة الباطل مسؤوليةٌ جماعية لا تخصّ أمة دون أخرى.

فمن وحي كربلاء، تعلّمنا أنّ قول الحقيقة في وجه الظالم هو أعظم صور الجهاد، وأنّ وعي زينب (ع) هو البوصلة التي تحمي ضمائر الأحرار من التزييف والانحراف.

وهكذا تبقى السيدة زينب الكبرى (ع) نداءَ الوعي في زمن الغفلة، وصوتَ الحق في وجه الطغيان، ورايةً خالدةً للكرامة الإنسانية التي لا تموت.
هي مدرسةٌ يتخرّج منها الأحرار في كل عصر، لتبقى ملهمةً للثائرين على الظلم، ودليلًا للواعين إلى طريق الله والعدل والإنسان.

سلامٌ على زينب يوم وُلدت، ويوم جاهدت، ويوم تُبعث حيّةً في ركب الحقّ الخالد.

        وليد الحلي
27 -تشرين 1 - 2025
5 - جمادى 1-  1447
أمس, 19:54
عودة