في إنجاز تكنولوجي يثير الدهشة والتساؤل في الوقت نفسه، كشف باحثون عن طريقة جديدة تمكن الإشارات اللاسلكية "واي فاي" من إنتاج صور دقيقة للمساحة داخلية حيث يوجد الراوتر اعتمادًا على الذكاء الاصطناعي المدرب مسبقًا.
والتقنية المسماة "LatentCSI" تحول ما كان يُعد مجرد إشارات ارتداد إلى أداة بصرية متطورة.
كيف تعمل هذه التقنية؟
يعتمد مبدأ "LatentCSI" على استغلال ظاهرة ارتداد إشارات "واي فاي" عن الجدران والأثاث والأجسام داخل الغرفة، ما يكون صدى يحمل معلومات عن البنى المحيطة، حيث يحول الباحثون هذا الصدى باستخدام نموذج ذكاء اصطناعي توليدي مدرّب مسبقًا إلى صورة واقعية.
مزايا وقيود
من بين أبرز المزايا التي تعد بها هذه التقنية هي الدقة الكبيرة، حيث إن الصور الناتجة تبدو قريبة جدًا من الواقع، مع تفاصيل دقيقة للنسيج، التكوين، والمحتوى.
كذلك توفر هذه التقنية القدرة على التتبع اللحظي، لأن إشارات "واي فاي" تكون متوافرة باستمرار، ويمكن استخدامها لرصد التغيرات في الغرفة مثل حركة الأشخاص وتغيير المواقع في الزمن الحقيقي تقريبًا. في المقابل هناك أيضًا قيود مهمة، حيث إنه لا لا يمكن لهذه التقنية العمل إذا لم يكن النموذج مدرَّبًا مسبقًا على البيئة المعنية.
أي أن النموذج يجب أن يكون قد رأى صورًا سابقة للغرفة أو بيئات مشابهة ليكوّن فهمًا أوليًا. لذلك لا يمكن لبيانات الراوتر العادية أن تُنتج صورة مباشرة، لأن التقنية تحتاج التدريب المسبق.
مع ذلك هنالك مخاوف متعلقة بالخصوصية والأمن، إذ قد يُستخدم هذا النوع من التصوير للتجسّس أو المراقبة دون علم الأفراد.
مخاطر محتملة
على الرغم من أن "LatentCSI" تُعد حتى الآن نموذجًا تجريبيًا في المختبر، فإن إمكاناتها مثيرة للاهتمام في مجالات، مثل: الأمن الذكي، والمراقبة الخفية، وتحليل الحركة داخل المباني، أو حتى تحسين تقنيات الواقع المعزز.
إلا أن التطبيق العملي يقتضي معالجة العديد من التحديات، أهمها الحماية القانونية والخصوصية، وإثبات أن التقنية لا تُستخدم لتحقيق اختراقات أو مراقبة غير مشروعة.
فالقدرة على رؤية ما بداخل غرفة من خلال إشارات لاسلكية قد تشكل ثورة في مجال الاستشعار، لكنها تفتح الباب أمام نقاش أخلاقي وتقني كبير.
في الختام، يعد هذا الإنجاز مثالًا على كيف يمكن للذكاء الاصطناعي الدمج بين مجالات تبدو بعيدة مثل الاتصالات اللاسلكية والتصوير، ليقدم أدوات جديدة قائمة على ما كان يُعتبر مجرد ضوضاء في الفضاء الإلكتروني.