الصيام انتصار للإرادة الخيرة

الصيام انتصار للإرادة الخيرة

• 20-03-2023, 15:36
• مقالات
• 169 مشاهدة

مشاركة عبر :

وليد الحلي

"Today News": بغداد 

           بسم الله الرحمن الرحيم
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة:183  
 
تبين هذه الآية القرآنية سبب فرض الصيام على المؤمنين على مدى الأزمان، وذلك لتربيتهم على تقوى الله والعمل والإخلاص له عز وجل، و إطاعته من دون تأثير سلطة أخرى عليهم، وفق منهج الإسلام الذي بدأه نبي الله إبراهيم الخليل ( عليه السلام): ( ان الدين عند الله الإسلام) آل عمران:19.

ان الدعوة للصيام في شهر رمضان المبارك هي دعوة للحياة الكريمة بإبعادها الخيرة ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ)  الأنفال: 24.

الصيام دورة تدريبية تعبوية لتقوية الإرادة الإيمانية والأخلاقية والسلوكية والفكرية وتمرينها للتسليم لرب العالمين.

تنظيماً لصقل ملكة الالتزام في طاعة الله في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

إحياءً للضمائر لتنشيط عزيمة النفس في وضع الغرائز الإنسانية تحت السيطرة، والابتعاد عن العادات والممارسات التي تكون بعيدة عن الخلق والقيم الإسلامية.

تربيةً لجوارح الإنسان على اجتناب الشر وعمل الخير، والامتناع عن الحرام والتوجه إلى الحلال،
فللعين صوم وللأذن صوم، ولليد صوم وللرِجل صوم، ولكل جارحة في الإنسان صوم.

تعزيزاً للصبر والإخلاص والأمانة والصدق والإحساس بمعاناة الفقراء.

تطبيباً للنفوس التي تعرضت للأزمات، وضبط زمامها، وتهذيبها لانفعالاتها.

وعياً لتغيير سلوك الانسان والمجتمع من خلال التربية على المراجعة والمحاسبة اليومية في تقوى الله.

قال رسول الله محمد ( صلى الله عليه وآله): صوموا تصحوا.

للصوم دور كبير في دعم صحة الانسان، وذلك في تقوية الجهاز العصبي في الدماغ مما يؤثر على الغدد الصماء، وعلى السلوك والانفعال النفسي، كما انه يقوي المستوى الوظيفي لجهاز مناعة الجسم والقلب والجهاز الهضمي والتنفسي والتناسلي والبولي، ويتم استرجاع نشاطات وحيوية الإنسان الجسمانية والنفسانية وفتح الذهن ويقوي الإدراك.

ويشير العلماء إلى أن الحياة الصحية السوية تستوجب الصيام الذي يساعد على التكيف للعيش بأقل كمية من الغذاء وقت الشدة، كما أن الجهاز الهضمي يجدد أنسجته التالفة وحيويته وتوازن عمله ويتخلص من السموم في الجسم بطرحها خارجا، كما يتخلص الإنسان من مخزون الحوامض الأمينية قبل تفككها وتلفها لفقدان حيويتها، وتعويضها أثناء فترة الصيام.

الصيام هو الدواء المهم لأمراض الدم والروماتزم وغيرها.

فضائل الصيام لا تقتصر على التحصين الإيماني والسلوكي والصحي بل تشمل التوعية على ألوقاية من فتن الدنيا وعذاب الآخرة، وفي تجنب المآسي والتحديات، وفي توحيد الصفوف وحماية البلاد وتنميتها وتطورها وانتصارها، وانتعاش العمليات التغييرية بغياب الدور الشيطاني الخبيث حيث تصبح أياديه مغلولة في شهر رمضان المبارك.

هذه الفضائل الكبيرة للصيام تنمي الركيزة الاساسية لبناء القابليات الروحية المتمثلة بالقدرة على التحمل والارادة في تربية النفس للتصدي لدحر الاعداء.

                                                                                        وليد الحلي                                       شعبان 1444- آذار 2023

• طباعة