• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

المرجعية وأزمة كورونا (3- 3)

المرجعية وأزمة كورونا (3- 3)

  • 27-03-2020, 13:32
  • مقالات
  • 513 مشاهدة
د. صلاح عبد الرزاق

 بغداد :"Today News"

فتوى التكافل ... خارطة طريق لمساعدة المتعففين

في ظل انتشار المرض عالمياً وتحوله إلى كارثة دولية ، لا يكفي أن تتحمل السلطات الحكومية مسؤولية مواجهة المرض والمشاكل الناجمة عن الاجراءات المتخذة بصدده.
من المعلوم أن أغلب دول العالم ومنها العراق فرضت حظر التجول وإغلاق المؤسسات الرسمية وتطعيل العمل فيها ، وطلبت من شعوبها أن تبقى في بيوتها ، تفادياً للاختلاط وتسرب العدوى من خلال الملامسة أو المصافحة أو حتى الاقتراب من الآخرين. ونتيجة لذلك تعطلت الأعمال والنقل وغيرها. كما توقف ملايين المواطنين عن العمل ، وخاصة أولئك الذين ليس لديهم راتب أو أجر مدفوع ثابت. فأغلب هؤلاء يعملون بالكسب اليومي لتوفير لقمة العيش لعائلاتهم واحتياجاتهم الأخرى. إن منع التجول سيكون عائقاً أمامهم من كسب عيشهم سواء كان سائقاً أو بائعاً متجولاً أو صاحب بسطية ، أو صاحب محل يغيب عنه المشترون.
هذه الاجراءات الأمنية والصحية أدت إلى حدوث خطر يهدد مئات الآلاف من العراقيين في رزقهم . ولما كانت الحكومة غير قادرة على دفع مساعدات مالية للعاطلين عن العمل أو المتوقفين عن العمل بسبب منع التجول، فكان من اللازم أن يتحمل الشعب كله عبء هؤلاء المحتاجين.
من هذا المنطلق وجدت المرجعية ( إن توفير الحاجات الأساسية للعوائل المتضررة من الأوضاع الراهنة هو بالدرجة الأساس من مسؤولية الجهات الحكومية المعنية، ولكن في ظل عدم الاهتمام الكافي منها بذلك ، لا مناص من التوجه إلى سائر الأطراف القادرة على المساهمة في هذا الأمر المهم الذي هو من أفضل الخيرات والقربات) .
 
خارطة طريق الرحمة
في 21 آذار 2020 أصدر مكتب المرجعية في استفتاء له ، مجموعة من التوجيهات لمواجهة رفع العوز عن العائلات المتضررة تمثلت في ما يأتي:
أولاً: تشجيع أهل الخير والمحسنين والتمكنين مالياً ، بالانفاق بما يقدرون عليه لشراء المواد الغذائية والاغاثة والاحتياجات الأخرى .
ثانياً: اعتبرت المرجعية أن ما ينفقه أصحاب الأموال في هذا السبيل بمثابة الحقوق الشرعية التي عادة يدفعونها للمرجع في نهاية السنة المالية. فالذين يدفعون الخمس يمكنهم احتساب ما دفعوه لشراء المواد الغذائية وغيرها بأنه من الخمس ، وحسب الضوابط الخاصة بكيفية صرفها .
رابعاً: دعت المرجعية التجار والباعة إلى التقيد بالأسعار وعدم رفعها ، بل طالبت أن تكون مدعومة أي بسعر الكلفة . المر الذي يخفف من غائلة الأسعار خاصة أمام المحتاجين.
خامساً: دعت المرجعية الشباب العراقي الغيور للقيام بجرد للعوائل المتعففة ، كل في منطقته ومدينته . وأن يتولوا جمع المساعدات والسلات الغذائية وتوزيعها على مساكن المتعففين. وأوصتهم باتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية أنفسهم من الفايروس. وأن يقوموا بالتنسق مع الجهاتت الرسمية كي تمنحهم الموافقة أو ترافقهم بعض المفارز الأمنية أثناء عملية التوزيع في ظل منع التجول.
سادساً: نادت المرجعية أصحاب المواكب الحسينية الذين لديهم خبرة في إعداد الطعام بكميات كبيرة ، ولديهم قدرة على توزيعه خاصة في زيارة الأربعين حيث تمتد الموائد عشرات الكيلومترات. وذكّرتهم المرجعية بأيام جهادهم وتجهيز المقاتلين في جبهات القتال على داعش. فالمرجعية ترى أن الجهاد ضد وباء فايروس كورونا لا يقل عن الجهاد ضد داعش الارهابية.

وبالفعل لبى المتمكنون مالياً والتجار والشباب الغيارى نداء المرجعية وفتوى التكافل حيث بدأت السلات الغذائية تحزم وتوزع على المحتاجين . وبُذلت أموال طائلة في هذا السبيل ، وامتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بصور وفيديوهات هذه الحملات الانسانية الرائعة التي قل مثيلها بين الشعوب. فطوبى للشعب العراقي الذي يضرب المثل في التضامن والتراحم.
وقامت بعض الشخصيات السياسية بتكليف أتباعها وأنصارها بتوزيع المساعدات على المتعففين. وعرض آخرون مقرات الحزبية والثقافية والدينية لتكون تحت تصرف وزارة الصحة لتحولها إلى مراكز طبية للحجر الصحي . وهذا شعور عال بالمسؤولية في ظل وقت عصيب يمر به شعبنا العراقي ، يستلزم تكاتف الجميع وكل القوى الخيرة لاجتياز هذه الأزمة بسلام إن شاء الله.

إن كفالة اليتيم ومساعدة الفقراء والمساكين من أهم الواجبات الانسانية والمجتمعية التي فرضها الاسلام على الدولة والمحسنين والمتمكنين مالياً . والقرآن الكريم يؤكد ويدعو في عشرات الآيات إلى هذا المبدأ الذي يكفل القضاء على الفقر والحاجة ، وأن يحظى جميع أفراد المجتمع بمستوى معيشي مقبول ، ولديه دخل كاف لإدارة شؤون بيته وأسرته.

إن المرجعية لم تجلس وتراقب أو تنتظر انتهاء جائحة الكورونا وتكتفي بالدعاء ، بل بادرت إلى إصدار فتوى التكافل ، وبعث الحركة والنشاط والهمة في نفوس أبنائها ومقلديها ومحبيها وكل المواطنين . ودعتهم إلى الامساك بزمام المبادرة وأن يتحركوا كل في اختصاصه أو قدرته المالية أو الجسمية لمواجهة هذا البلاء . وأن يكونوا متماسكين متضامنين مع إخوانهم المواطنين في الشدة والضراء ، كما في الراحة والسراء. وأن يكونوا يداً واحدة مع السلطات الحكومية سواء الأمنية أو الصحية . وأن يتبعوا تعليماتها بدقة ، بلا مخالفة أو اجتهاد شخصي ، أو مبررات غير وجيهة.
اللهمم احفظ لنا العراق وأهله
اللهمك احفظ لنا كل من ساهم بالمال واليد في دفع غائلة الوباء
آمين

أخر الأخبار